الثلاثاء، 1 يونيو 2010



عندما فضحت "الديلي تليغراف" البريطانية انتهاكات قوات التحالف في سجن أبو غريب ؛ بصور هزت وحشيتها ضمير العالم، لم يخرج أحداً ليتهم "التليغراف" بالإساءة لسمعة بريطانيا والولايات المتحدة، ولم يلاموا على تعريض قواتهم ، وحماة سياستهم الخارجية، لخطر الاستهداف والتسقيط في العالم.. وعندما أشعل الصحفيان كارل برنستين وبوب وود فضيحة " ووترغيت" الفضيحة السياسية الأكبر في تاريخ أمريكا والتي أطاحت بالرئيس نيكسون؛ لم يصمهما أحد "بمعاداة النظام" أو "ضرب مصداقية الديمقراطية الأمريكية".. وعندما عرّت " الغارديان" نفاق النظام البريطاني وازدواجية مواقفه بنشر ، وعشية فوز شمعون بيريز بنوبل للسلام، وثائق تُثبت مساعيه لبيع قنابل نووية لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.. لم يتشدق أحدٌ متهما الصحيفة بالإساءة للعلاقات بين بريطانيا وحليفتها التاريخية إسرائيل ولم يحاكم أحد نواياها !!



مؤخراً فقط خرج الفيلم الأمريكي Green Zone ليدحض خرافة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل مؤكداً أنها كانت " مجرد أكذوبة ". فلم يتأفف أحد بل على العكس، قوبل الفيلم بالتصفيق والاستحسان لأنه لم يسئ لأمريكا بل من جرّ العالم بأسره نحو الحرب؛ هو من فعل ..!


*******


في البحرين هناك أسطوانة واحدة، تدار كلما اقتضت الحاجة لإرهاب محاولات فضح أية ممارسات مشينة؛ أو الإشارة لاعوجاج يجب أن يُقّوم، أو محاسبة المتجاوزين.. وهي أهزوجة "سمعة البلد"..!!


مؤخراً فقط قامت الدنيا بسبب ظهور معوقة بحرينية في فضائية لتتحدث عن محنتها التي بدأت منذ ولادتها بلا رجلين ، وبأصبع واحد في كل كف، وعن مرارة اليتم والعوز التي تجرعتها طيلة عمرها.. فانتفضت وزارة التنمية كمن مسه الجان وبدأت رحلة انتقام ضارية ضد مؤسس حملة التكافل الذي أخذها للكويت.. فحاربته في رزقه وشرعت في اتخاذ إجراءات قانونية ضده و"سفلتهُ" إعلامياً باعتباره أساء للبحرين والقيادة والشعب " مرة وحدة " !! كل هذا لأن الفتاة خرجت تستجدي من كويت الخير مسكناً، ومساعدةً لتجري عملية في عمودها الفقري.. ولا ندري علام كل هذه الحساسية إن كانت الحكومة – ذاتها- تستعين بمساعدات الأشقاء في الخليج لبناء مرافق صحية وتعليمة وسكنية.. !!


وقبل أيام فقط جمدت وزارة الإعلام نشاط قناة الجزيرة محولةًً برنامجاً عن الفقر ، كان ليمر مرور الكرام بالمناسبة، لحدث جللّ تداوله الناس بشغف؛ وما من منظمة حقوقية وإعلامية إلا تناولته وستتناوله في تقاريرها هذا العام " وهذه عاقبة الأفعال المرتجلة التي تحقق عكس أهدافها ؛ "واللهم لا شماتة" وهذا كلهُ بحجة الإساءة للبحرين وكأن ما ورد في التقرير خيال أو مفاجأةٌ لدول الجوار العارفين " بالبير وغطاه " !!


لا تتحدثوا عن الرذيلة السياحية والدعارة لكي لا تسيئوا لسمعة البلد.. لا تتناولوا الملفات الحقوقية في المؤتمرات الخارجية لكي لا تسيئوا للبلد.. لا تلوكوا مخطط التجنيس والتلاعب الديمغرافي لكي لا تسيئوا لسمعة البحرين.. لا تركزوا على السرقات وتضخموا قضايا الفساد لكي لا تسيئوا.. لسمعة البحرين !!


سمعة البحرين.. سمعة البحرين.. سمعة البحرين..


فمن هي البحرين ؟ أنتم ؟!


كلنا البحرين فلا تختلقوا الكذبة وتصدقوها..!!


البحرين لا تختزل في مسئولين ولا في نظام حكم ولا ممارسات فردية أو جماعية.. ومن يقومون بالنهب والسلب ليسوا " البحرين".. ومن يقصرون ليسوا "البحرين" .. الدعوة للإصلاح والتقويم لا تسئ للبحرين.. جلّد المفسدين ليس إساءة للبحرين .. تعرية المتجاوزين لا يُسئ للبحرين.. ومن يسئ للبحرين هو المفسد والمتجاوز والمدلس والمتهاون والمستغل والأفاك.. لا من يحاول الإصلاح والدفع للتغيير وتقويم الاعوجاج !!


تذكرني بعض الكتابات التي أدمنت إقحام " سمعة البحرين" في كل حديث بمانشيت نشرته صحيفة اتهمت فيه فنانة مصرية لبست "المايوه" بالإساءة لسمعة مصر و80 مليون مصري ..!!


ما هذا الاستخفاف والاستهزاء بالعقول و"استعباط" الناس وتسطيح المواقف والنقاشات !!


البحرين ليست فتاة عذراء نخاف عليها هروب الخُطاب فنتستر على أمراضها وعللها.. البحرين دولة لها وعليها. تحتاج لمشرط النقد ومجهر الرقابة وأصوات المخلصين والمعارضين والناصحين لتمضى في مسيرة الإعمار والبناء.. فكفاكم تلاعباً بالمفردات والمواقف..


ولا تستخدموا " سمعة البلد" كشماعة؛ لحماية أنفسكم من كل نقد.






حرر في 1- يونيو-2010










أعزائي القراء..


مجموعتنا وصلت لـ2500 مشترك ولكم أعهد بمقالاتي لتنهضوا بنشرها وتوزيعها انتصارا للكلمة وحرية التعبير..


مقال الأسبوع القادم ..


" أبو أربعة وأربعين .. !!"