الأربعاء، 2 فبراير 2011

عندما خرج الشباب المصري يهتف :
" يا جمال قل لأبوك ... شعب مصر بيكرهوك "
خرج فخامة الرئيس حسني مبارك ليقيل الحكومة.. ويبرهن أن الحكام على العرش لا يسمعون إلا رجع أصواتهم ولا يرون الأبعاد الحقيقة للمشاهد..!!
وعندما هتف الشعب :
" يا سوزان قولي للبيه .. ربع قرن كفاية عليه "
أرسل النظام " بلطجيته" المجرمين للشوارع ليشيعوا الفوضى، وأغرق الإعلام "ببلطجيته" المفوهين ليشوهوا وجه الثوار ويشيروا بأصابع الاتهام لجماعات " تستهدف زعزعة امن واستقرار مصر" مبرهناً – مجدداً- أن الأنظمة العربية ، من فرط ما تكذب، تصدق كذباتها وتؤمن بها بعد حين ..!!
****
لا يمكن لأحد أن يفكر ويكتب اليوم إلا في الثورة المصرية التي تأخرت طويلاً.. ولا يستطيع الأحرار في كل مكان إلا أن يحلموا برؤية طيارة "الرئيس" تشق عباب السماء لتهبط في أي أرض إلا أرض الكنانة التي تقيئته وضاقت بحكمه الذي بدا سرمدياً.. حول مصر من أم الدنيا لأم المقهورين.. ومن من مهد للعروبة لعميلة إسرائيلية بغيّة "وفي تباكي نتنياهو الاثنين خير دليل".. ومن العجائب أنه - حتى وجوه المصريين- تبدلت في عهده: من هيئة كمال الشناوي لنموذج اللمبي.. ومن الحُسن البرئ لشادية وفاتن حمامة للمظهر اللعوب الشقي لغادة عبد الرازق وسمية الخشاب !!
تدهور الدخل، وصعوبة المعيشة حول الفساد لأسلوب حياة. فأنقلب الشعب من شعب مبادئ لشعب "فهلوي".. شعب تتجاذبه الأفكار ولا تجذبه.. شعب لديه كلام كثير ولكنه أكثر انهزاماً من أن يكلله بفعل .. فعندما تجوع شعباً وتسحق كرامته وتمنحه راتباً لا يكفي لشراء حذاء لائق في سوق مستعر الغلاء.. فإنك تدفعه – دفعاً- للرشوة والسرقة والعهر والإحتيال.. وتحول الرقي والاستقامة والمبادئ وعزة النفس.. لرفاهيةً لا تصلح إلا للأثرياء !!
****
" يهمني أن يبقى الثوار منتصبين ، يملئون الأرض ضجيجا ، كي لا ينام العالم بكل ثقله فوق أجساد البائسين والمظلومين "
تشي جيفارا
كثيرون اليوم يتحفوننا بمواقفهم المائعة تجاه الثورة المصرية.. فالجبناء والخونة ينتظرون دوماً المنتصر ليصفوا معه وهم يبتهلون أن يكون نظام حسني مبارك رغم مخازيه - لا حباً في الرجل- إنما خوفاً من المرحلة القادمة من عمر الأمة.. المرحلة التي تهتز هيبة أصنام الأنظمة القمعية وتسقط معها امتيازات زبانيته وأذنابه.. فالمتمصلحين من موائد الجلادين ومساحي الجوخ يعون أنهم أول من المتضررين ما أن يعتدل الهرم المقلوب..
السؤال الذي يقلق بالطبع كل حرّ غيور هو : وماذا عن الفوضى التي ستعقب سقوط تلك الأنظمة..؟
والحق أن العبور لدولة المؤسسات والقانون لن يكون سهلاً ولن يكون مجانياً.. سيما أن الأنظمة المستأسدة حريصة على إشاعة الفوضى والسلب والنهب وتضخيم حجم التخريب والفلتان.. كما أن العقود الممتدة من الكبت والقهر خلقت فئات متطرفة منظمة القوى/ متخبطة الرؤى والمبادئ.. ستطل برأسها لا شك وستسعى للاستحواذ على السلطة للتأكد من أنها لن تُهمش وتضطهد مجدداً.. لذا فالتحدي اليوم هو المراهنة على دساتير جديدة تقلص مدة الحكم وتمنع ترشح أي رئيس عربي لأكثر من ولايتين "بأربع سنوات لكل منهما" حتى إن أخطأ الشعب في انتخاب رئيسه أو حزبه- لا يضطر للتعايش مع خطأه هذا للأبد .. !
****
اننا كأشقاء عرب.. واجبٌ علينا كأشقاء عرب.. أن نرفع عقيرتنا لتأييد إنتفاضة الشعب المصري الأبي ودعم إرادته وحقه في الحياة التي يريد.. وعلينا أن ندين قمع الشعب المصري وتشويه صورته وغضّ الطرف عن معاناته الممتدة.. وعلى الحكومات العربية أن تدعم هي - أيضا- خيارات الشعوب وتأخذ بيدها وتبادر لتوقي المصير ذاته..
وليعلم الجميع أن الغضب قادم.. في الأسابيع الماضية أضرم أربعيني النار بنفسه في نواكشوط تعبيرا عن "استيائه من الوضع السياسي في البلاد وعن غضبه من النظام الحاكم" . وتواجه الجزائريون مراراً مع رجال الأمن بعد أن ألهمهم الشعب التونسي.. في ليبيا والأردن سارعت الحكومات بتقديم حزمة إجراءات لامتصاص غضب الشارع الذي بعد يصّف نفسه..هناك إرهاصات غليان شعبي في موريتانيا، وسمعنا عن خروج مئات المواطنين العُمانيين – لأول مرة- في مسيرة تطالب بوظائف للعاطلين وزيادة الرواتب ومراقبة الأسعار.. والبقية ستأتي .. فعصر "حكم الشعوب" قادم ..وزمان المخابرات والقمع وقوانين الطوارئ وأمن الدولة يحتضر..وعصر تخوين المثقفين والوطنيين وتمجيد الدجالين والتنابل والمتسلقين في أفول.. وصمت الشعوب تجاه الأموال المنهوبة والحقوق المسلوبة لن يطول..
فالأمس للطغاة.. والغد للثوار..