الأربعاء، 6 أكتوبر 2010


مؤخراً وجدت عمدة مدينة استكهولم السويدية ، وهي رئيسة حزب – أيضا- وبرلمانية بارزة ، نفسها وسط موجه انتقادات وسخط شعبي عارم بسبب اتهامها بالفساد كما ومورست عليها ضغوط رفيعة أدت في النهاية لاستقالتها.. بالطبع تتساءلون عن طبيعة الفعل “المشين” الذي اقترفته واستحقت عليه اللعنات، هل استحوذت على مناقصه بالملايين باسم أحد أقربائها، هل تسلمت عمولات ورشيً نظير تسهيل مهام أو تسريب معلومات؟ والحقيقة بعيدة عن ذلك ملياً.. فكل ما فعلته العمدة أنها " تجرأت" وملأت خزان وقود سيارتها بكوبونات وقود حكومية ..!!بالطبع شحذت الصحافة الحرة همتها لتسأل: إن كانت عمدة المدينة تملأ سيارتها “الخاصة” بمال عام فما شيمة باقي موظفيها إن كانت هي “بالأموال العامة” ضاربةً ؟! أين الأمانة.. وكيف تدعي صيانة المال العام وهي تنتهك حرماته في آن !!
قالت لهم مستعطفةً : “قسمّ بالله يا النشامة كنت ناسية محفظتي، أشحت يعني، أمشي للبيت .. يرضيكم وأنا عمدة قد الدنيا ؟!” ولكنهم قرعوها على تبريرها مؤكدين أنه كان حرياً بها أن تركن سيارتها وتستخدم النقل العام إن وجدت نفسها وسط موقف كهذا عوضاً عن أن تخون الأمانة وتضرب مثلاً سيئا لموظفيها وأعضاء حزبها !! ولم تقف تداعيات تصرفها " الشنيع" عند ذلك، بل وأقصوها عن موقعها الحزبي .. ورجمت من قبل برامج النميمة على مدار شهر كما ترجم العقبة الكبرى صبيحة العيد.. ما أعدم حياتها السياسية للأبد.
بالطبع صاحبتنا ليست أولى ضحايا سياط ملاحقة الفاسدين في بلاد الكفر والكفره. فقبل عام ونصف العام اضطر وزير الصحة الفنلندي أن يقدم استقالته بعد أن اكتشفت وسائل إعلام أنه تكلم مع حبيبته 3 مكالمات دولية “مرة وحدة” على نفقة الدولة..!! بالطبع لم تثرهم جزئية أنها حبيبته فلو كانت جدته – أيضاً- لاستشاط الرأي العام غضباً لأنه استغل منصبه الوزاري لإجراء مكالمة من جيب دافعي الضرائب وانتهى مستقبل الوزير “االفاسد العيار” بُعيدها وكاد أن يقدم للقضاء – لولا- أنه استهدى بالله وعرض التسوية ودفع قيمة المكالمات.. ولا يضاهيهم في مصابهم الجلل ذاك إلا رئيس برلمان ياباني اُقصى وتجرّس لما تبين أنه استخدم واسطته لتوظيف أبنه في شركة كبرى !!
بالطبع لو كنت أعرف رقم محمول أياً من هؤلاء لهاتفتهم ودعوتهم للعمل في إحدى الدول العربية، حيث يعتبر الهاتف جزءاً من امتيازات المهنة ولهم أن يستخدموه لمهاتفه كوكب عطارد إن شاءوا..! كما ولهم أن يستخدموا بطاقات الوقود لملء سيارات العائلة أيضاً لا سياراتهم فحسب.. أما بالنسبة للواسطة فله أن يعين أبناءه وجيرانه وأحبائه ولن يستنكر ذلك أحد بل بالعكس.. سيستهجن الناس أنه مسئول رفيع ولديه أبن أو قريب عاطل لم يقتلع له وظيفة من عين من هم أكفأ منه وأجدر !!
وليست موارد الإدارة – للعلم- هي كل ما يستطيعون إستخدامه بل بإمكانهم تسخير الموظفين أيضاً لقضاء حوائجهم الخاصة : توصيل الأولاد.. شراء السمك والروبيان. إنهاء رخصة عمل الخادمة.. أخذ سيارة المدام للوكالة أو شراء تذاكر الطيران.. وعليهم أن لا يقلقوا من زوابع الصحافة وسياطها فالإعلام الذي تمرس على مسح الجوخ لا يعض أبداً..!
ولهم أيضاً في ظل منظومة الفساد، أن يدخلوا المناقصات بأسماء العائلة ويظفروا بها.. ولهم أن يبيعوا لأنفسهم مقتنيات الإدارة بسعر رمزي " بالمناسبة تابعت يوماً قضية بيع مسئول سيارة لكزس حديثة لابنه بـما يعادل 20 دولارا وبيع آخر لمعدات مركز علمي تقدر بعشرات الآلاف بأقل من ألفي دولار بعد أن صنفها في المستندات كـ" خردوات" !!ولو وجدت فضيلة العمدة أو سعادة الوزير أن الوضع غير " لطيف" فعليهم أن يحلبوا الأموال التي سيأتمنون عليها ولا يخافون لومه لائم.. ففي دولنا لا يعد التعدي على الأموال والأراضي والبحار فساداً " بل أن رؤوس الفساد هي أكبر من يدعي محاربته" على حد تعبير أحمد السعدون النائب الكويتي ورئيس مجلس الأمة السابق. وأقصى ما قد يحصل للمفسد في منصب عام هو تنحيته «بشويش» دونما محاكمة أو تشهير ولن يطالبوا بإرجاع ما «لهفوه» من منطلق « عفا الله عما سلف» و«المسامح كريم » !!فقلعة الفساد لدينا متينة ورابضة على القلوب بإصرار وعناد.. واللهم لا أعترض..!!