الأربعاء، 4 أغسطس 2010

" احمدو ربكم "


بقلم : لميس ضيف

كنتُ أقرأُ مقالاً لأحد كتاب آخر الزمان، فشطحت أتخيلُ نفسي وقد كتبتُ شبيهاً للشعب الكويتي : كيف تجرؤون على مطالبة الحكومة بإسقاط متأخرات الكهرباء؟ – أسألهم هكذا موبخةً - " أحمدوا ربكم " أن وحدة الكهرباء عندكم بفلسين للكيلو واط فيما هي على البحرينيين "المعتّريين" بـتسعة !! تريدون زيادة قروض الإسكان ، "يالِ قوة العين " أحمدوا ربكم" قرينكم البحريني يقدم للوحدة السكنية قبل أن يجفَّ حبرُ عقد زواجه ولا يحصل عليه إلا وأبناؤه في الإعدادية..!!
تريدون أن يسقطوا عنكم القروض.؟ ما هذه " الـبجـاحةٌ" التي لم نرّ لها سميّا، ألا تحمدون ربكم على مداخيلكم العالية ورواتبكم المجزية.. ثم تعالوا هاهنا: كيف ترتفعُ عقيرتُكم بنقد الحكومة واللمز والتجريح في كبار مسئوليها؛ لو كانت حكومة أخرى لملأت بكم السجون وعلقت لكم المشانق.. حكومتكم تعطيكم عند الزواج 4 آلاف دينار كويتي " حته وحدة" ومنحة مقدارها خمسون ديناراً على كلِّ طفل وتنتقدونها.! حريٌ برِكبكِم أن تتشقق من الركوع والسجود حمداً لله على هكذا حكومة توفر لكم ما لا يجرؤ أمثالكم من العرب حتى على الحلم فيه ليلاً ، ناهيكم عن المطالبة فيه، خشية أن يأتيه العسكر في منامه ويدسّوا حلمه في... أنفه !!!
تخيلتُ لو أني كتبت مقالات كهذه من واقعي كبحرينية ، أُذكّرُ فيها الشعب الكويتي بما يعيشه من سعة ودعة مقارنةً بأوضاع البلد التي أنحدر منها، وتخيلتُ لو أني خاطبتهم بذات اللهجة المتعالية والواعظة المُدعية الحاقدة التي يخاطبنا بها ُكتّاب صحفنا البحرينية؛ ووجدت بأني لو كنت فعلت لكانوا – والله أعلم- قد صلبوني في ساحة الصفاة.. ورموا الصحيفة التي استكتبتني بالمنجنيق.. ورجموني كما ترجم العقبة الكبرى صبيحة يوم العيد..!!
فالأشقاء في الكويت ، وقد عرفتهم وخبرتهم وكتبت في صحفهم سنينا، من أكثر شعوب العالم تذمراً على أوضاعهم وانتقاداً لسلطاتهم وهم أيضاً أكثر شعوب العالم عشقاً وتيهاً بترابهم وقيادتهم ، يحبون وطنهم وأميرهم حتى الثمالة ولكنهم يعرفون حقوقهم – كشعب- في النعمة التي أفاض بها تعالى عليهم ويعاملون حكومتهم – كشركاء- لا كرعية ، ولا يقبلون بالطبع المزايدة على وطنيتهم أو الدخول بينهم وبين قيادتهم وحكومتهم. لذا تتلمس وأنت تقرأ صحفهم، ورغم أن زهاء نصف كتابهم هم من غير الكويتيين، إلا أنهم لا يمرون على القضايا الوطنية إلا بتهدٍ مشوب بالحذر. لخصوصية العلاقة التاريخية بين الشعب والقيادة ، والممتدة جذورها لنشأة النظام السياسي، والتي لا تشبه - بأي حال- وضعهم في الدول التي ينحدرون منها..
وعموماً، ورغم أن 70% من شعب الكويت وافدون، و80% من تعداد قطر كذلك أيضاَ، ورغم إحتضان السعودية لسبعة ملايين وافد، والإمارات لستة ملايين مقابل مليون مواطن إمارتي فقط.. رغم فلكية تعداد الوافدين في تلك الدول نقول " وبعضهم أمضى هناك عمره كله" إلا أنك لا تلتمس تململاً أو مقتاً لوجودهم من قبل المواطنين لأنهم - الوافدون- يعرفون مواقعهم ويحترمون مساحتهم ومساحة أبناء البلد . أما هنا فالعربة تسبق الحصان والهرم مقلوب.. يظن بعض هؤلاء - سيما المستشارين وبعض الكتاب والمجنسين- أنهم ، ولأنهم عوملوا معاملةً لا يحلمون بمثلها في دول الخليج ولا حتى في بلدانهم، أنهم صاروا أقرب للوطن من المواطن نفسه..!!
ومن سخرية الزمان ومفارقات الأقدار أن يأتي بعض المرتزقة، الذين تركوا أوطانهم وباعوا جنسياتهم وتنكروا لأصولهم ولهجاتهم ، ليعلمونا – نحن - معنى الولاء للوطن والأرض !! هؤلاء الذين تنكروا لديارهم وأصولهم ونفضوا ولاءهم لأراضيهم كمن ينفض التراب من حذائه، ويمضي وكأن شيئا لم يكن، يخبروننا – نحن – معنى المواطنة الصالحة، وكيف تثمر فينا نعمة البلد التي علمتنا وأسكنتنا.. !!
هؤلاء الذين أتوا بالأمس طمعاً في كرم البلاد ، وحصلوا على مساكن ووظائف وجنسيات من غير استحقاق، ليعظوننا – نحنُ- أبناء البحرين الأصليين من شيعة وسنة؛ ويعلموننا كيف نتعاطى مع قضايانا وكيف نخاطب حكومتنا وماذا نطلب وكيف ؟
ويندس هؤلاء في المجالس ويستغلون الصحف ويستعمرون المنتديات، بألف اسم وتحت ألف راية؛ ليدنسوا فكر العامة ويشعلوا الفتن وليديروا دفة الكراهية عنهم عبر توجيهها للداخل، ولو عاش هؤلاء بسلام لكان خيراً لهم من تلك المزايدات والدسائس والمؤامرات التي سترتد عليهم عاجلاً أم آجلاً..
وحريٌ بالحكومة اليوم التي تخطط لاستبدال شعبها بشعب آخر يُبجلها ليل نهار ويحفها بآيات الحمد والمجد، أن تلاحظ كيف نمت أظافر هؤلاء سريعاً وبدؤوا يخشمون ويتآمرون وسيأتيهم الدور هم أيضاً.. فهؤلاء الذين باعوا أوطانهم وقلبوا ألسنتهم من أجل المكاسب والمال لن يكونوا لهم " المواطن الحلم " طويلاً..
وليقرأوا التاريخ قليلاً علهم يعرفون مغبة ما يفعلون ..