الثلاثاء، 15 يونيو 2010


أم أربعة وأربعين أو الحَرِيش كائن لافقري مفلطح، استحق أسمه ذاك نظراً لاحتوائه على 42 زائدة لا يحتاجهم – حقاً- نظراً لخفة وزنه وقصره "طوله لا يتجاوز الـ15سنتيمتر في أفضل الأحوال". وأم أربعة وأربعين هذه (( وأفترض ضمناً أن زوجها أسمه أبو أربعة وأربعين)) تتغذى على كل ما يكون أقل منها حجماً من باقي الكائنات.. ورغم أن سُمية هذا الكائن ضعيفة إلا أنها قد تكون قاتله بالنسبة للأطفال والعجزة وضعاف المناعة .. والمعنى في بطن الشاعر..

*********
قبل أشهر؛ تذمر عددٌ من أصحاب شركات تأجير السيارات من تسللُ مناقصات الوزارات من بين أيديهم وساقوا في ذلك مثالين: أحدهما لمناقصة تأجير 15 سيارة يابانية لمدة عام لوزارة خدمية؛ والأخرى لتأجير سبع سيارات.. حتى تلك اللحظة لم يبد شيئا ما مريباً أو غريباً.. فالتذمر سمة بحرينية بامتياز والأوضاع الخانقة تُأصلها تباعاً.. بيد أني لما سمعت أسم صاحب الشركة التي ظفرت بالمناقصة ذُهلت للأمانة.. فالرجل ، أمده الله في العمر، من أثرى أثرياء البلاد - ولا حسد- فمالهُ وفتح شركة تأجير سيارات يزاحم بها من " يخُب" عليهم مسمى تاجر؛ ومن أجل هوامش ربح محدودة كتلك !!
لاحقاً شرعت في التتبع والتقصي.. ورأيت العجب..
مسئول رفيع في الدولة؛ ووريث عائلة ولا أغنى، لديه 7 محلات شاورما وبرجر..!! مستثمر مرموق لا يظهر أسمه إلا بمحاذاة صفقات مليونية لديه محلات غسيل سيارات.. نساء مليونيرات يبيعون الكيك والمخبوزات من منازلهن.. مسئولين كبار في قطاع الرياضة يملكون محلات بيع وتوريد أدوات رياضية تمول المؤسسات الرياضية بالأحذية والطابات و" الفانيلات" قاطعين بذلك الطريق على محلات الدراويش من المواطنين.. أصحاب وكالات عالمية لديهم محال تنظيفات وصيانة وسباكة يتنافسون بها على عقود لا تتجاوز قيمتها الـ5 آلاف دينار.. محلات خياطه مؤجرة – بالباطن- على آسيويين مملوكه لسليلات عائلات 5 نجوم " وليعذرنا الناس على هذا التصنيف فالبلد منشطر طبقياً وحان الوقت لتسمية الأشياء بأسمائها".. أما أطرف ما رأيت؛ فهو ما يبيعه بعض المتخمين من خضار ومزروعات في السوق..فعوضاً عن توزيع أو تبديد ما ينبت في مزارعهم؛ تُستثمر تلك الثمار في جني دنانير إضافية بأسعار " تكسر" سواهم !!
قد يقول قائل هنا تجارنا " لوس" ونعرف ذلك *( والـ"اللوس" هو للعلم جمع تكسير لكلمة "لُوسه" وهو تعبير دارج يطلق على الشخص الطماع فارغ العين ) وجزئيا هذا صحيح.. فبعض تجارنا - حفظهم الله- يريدون أن يتغلغلوا في 44 عملاً وتجارة وأن يملكوا غيوم السماء وحشاش الأرض.. فما ان يسمع أحدهم أن هامش الربح مجزً في ورق الجدران حتى سارع لاستيراده.. وما إن يعتقد أن عمل النجارة والألمنيوم يدر أرباحاً سارع لاختراقها، وهو أمرٌ قلما يُرى في دول الجوار بالمناسبة؛ فهناك يستأثر رجال الأعمال بالصفقات والمشاريع الكبيرة تاركين صغارها لـ" صغارهم".. أما في البحرين فكثير من أثريائنا للأسف يعيشون حياة " الخبابيز" ويركضون وراء الدينار ركض من يخشى الجوع والفاقة.. بعضهم – يتصور- أن تلك رحلةٌ لجمع المغانم تنتهي بانتصاف العمر ليتمرغ بعدها بالنعيم ولكنه يظل في تلك الدوامة غالبا.. حتى الرمق الأخير.. !!
المعضلة الحقيقة في تكاثر من أسميهم " أبو أربعة وأربعين" في السوق.. هي عجز الآخرين المتنامي عن منافستهم في سوق صغيرة ومتخمة .. فالمناخ العام لا يدعم المؤسسات الصغيرة ولا يسمح لصغار التجار أن يتضخموا والنتيجة: أن أثرياء الأمس هم أثرياء اليوم ، وقلما تخترق تلك الطبقة أسماء جديدة.. أضف لذلك أن الرسوم "المبتدعة" التي تفرضها الدولة في الـ" الطالعة والنازلة"، وفي سوق بلا قوة شرائية؛ ما زادت الطين إلا بله.. بالمفاد لا يستطيع المواطن العادي " الذي يطمح أن يكون تاجراً" أن ينافس ويصمد وبالتالي، لا يستطيع أن يصمد في هذا السوق المتقلب والمزاجي كالحامل في الشهر السابع إلا.. أبو أربعة وأربعين طبعاَ !!
وهؤلاء الأخوة نخاطب بكل الود ونقول ..
الله يزيدكم ولكن.. ذروا بعض الفتات للناس..ارحموا من في الأرض من جشعكم.. يرحمكم من في السماء !!

مقال جديد للكاتبة لميس ضيف